كتاب الأحياء (نظام المقررات السعودي الجديد)

مؤلفي كتاب الأحياء معدومي الضمير! حيث أن المراجع العربية وحدها تبلغ 47 مصدر لتأليف كتاب واحد يدرس من قبل طالب/طالبة واحدة خلال فصل واحد، فيه 12 فصل. أهو إنساني؟ أهو أخلاقي؟ أسئلة استفسرت عنه من قبل سائلة عن مدى إنسانية الاستنساخ، والآن أسألها مستفسرة عن مدى إنسانية كاتب الكتاب.
الجريمة التي ارتكبها كاتبي الكتاب هي جعل مادة ممتعة شيقة وقابلة للنقاش والربط والتفصيل مادة مرهقة ومفرزة للأدرينالين. جعلها كابوس ناقلاً السيالات العصبية حاملة الأفكار المعقدة والثقيلة والكثيرة. فالكتاب هذا مثل السكلرنشيم، بصعب الوصول إلى محوره والهدف الداخلي منه، واللجنين المتغلظ المترسب حوله صعب المهمة.
والمشكلة أن هذا الكتاب سيظل الDNA للمراحل الآتية، فستمر الطالبات بهذه المرحلة وسيظل الكتاب يورث بكروموسوماته وتفاصيله. هذا الكتاب كان كالأنتيجين في جسمي لسبب ما، واكتشفت ذلك لأنني وجدت مناعة ضد تقبل وحفظ الكثير من النقاط اامهمة، ربما لأن غدتي التيموسية ظلت إلى مرحلة مراهقتي حتى تنتج أجسام مضادة تحارب هذا الأنتيجين.
يا ليت شجيرات خلاياي العصبية كثرت وتشابكت حتى أستقبل وأتقبل أكثر من هذه المعلومات. أو يا ليتني أنبت أنسجة جذرية في عقلي، لأمتص المعلومات، لرقة جدر الأنسجة وكثرة عدد الاستطالات الجذرية، وتطبيق لخاصية الانتشار (بدلاً من الخاصية الاسموزية، حيث بالانتشار تنتقل المعلومات من منطقة التركيز المرتفع <الكتاب> إلى منطقة التركيز المنخفض <عقلي>). يا ليت الكالسيتونين يعمل على منع فقد المعلومات من المخ بدلاً من منع فقد الكالسيوم من العظام. يا ليت حقني لنفسي بالمضادات الحيوية تمنع نمو الملل والإرهاق أثناء الدراسة وتكسبني مناعة ولو مؤقتة ضد بكتيريا الضغط والعمل والكسل.
ربما كان الكتاب صفة متنحية حسنة مرغوبة، وأنا لم أكن كذلك، ربما كنت أمثل الصفة السلبية السائدة، فعند التقائنا لم تظهر إلا صفتي.
نعم، فصيلة دمي O، أعطي الجميع ولا آخذ إلا ممن هم O مثلي، ربما هذا ما جعلني أرفض فصول هذا الكتاب، لمجرد أن فصيلة دمه ليست بـO، بل B (Boring).
سامحوني لموقفي العدواني ضد هذا الكتاب، ولكنني عانيت منه الكثير، فهو بالنسبة لعقلي بكتيريا ضخمة، أو خلايا سرطانية منتشرة بشكل غير طبيعي، و جهاز المناعة يقف أمامها بلا حول ولا قوة.
ولكن الحق يقال، لم تكن سنة أهدرت بلا فائدة، ولم تستهلك ATP دون مقابل. قد كانت هذه السنتين (اللتان لم تنتهيان بعد) مليئة بالكثير الكثير. لم تكن المادة حفظية 100%، فالحمدلله، رزقني الله تعالى بمعلمة تكره الحفظ.
قمنا بالعمل على مشروع، فكنا كالبرانشيم نصنع البحث والعرض لتنقل أفكارنا إلى زميلاتنا ومعلماتنا ومشرفاتنا من خلال العمل على فكرة الاستنساخ. صحيح أنه كان عملاً شاقاً حيث تمنينا استنساخ أنفسنا لتوفير المزيد من الأيدي والعقول العاملة على هذه المهمة، لكن في النهاية، بعد عمل مثمر ناجح، نمت بذور المهمة لنراها في نهاية السنة نبتة بزهرة حمراء جذابة وجميلة. نمو هذه البذرة لم يكن سهلاً، ولكن بتساعد الخلايا والأنسجة الإنشائية الابتدائية (الزميلات وأعضاء المجموعات) استطعنا تنفيذ المهمة، لقدرتها على الانقسام (تكوين أفكار وتطوير معلومات جديدة)، وساعد على هذا الانقسام أن الخلايا ذات نواة كبيرة مركزية (هدف عميق وموحد)، وغشاؤها رقيق (نفاذية الأفكار وتقبل الآراء)، وفجواتها العصارية متعددة لكن صغيرة (العقبات والاختلافات تعددت لكنها كانت صغيرة، فاجتزناها)، ومادتها الحية –السيتوبلازم- وفيرة (الحيوية والنشاط والحماس والقدرات الابداعية والابتكار). ونحن نقف الآن نفخر بما قد قدمناه بمساعدة واضحة من الخلايا المرافقة (أبلة جنان) التي كانت بجانبنا دوماً في جميع الخطوات وساعدتنا على نقل المعلومة للجمهور والظهور بشكل مناسب لتقديم عرض الاستنساخ.
كانت مادة الأحياء مادة صعبة، مع أنها مهمة، وفي معظم المواضع شيقة أيضاً، لكن كل ذلك انتهى. لا أحياء بعد اليوم، (وتفزر الغدد الدمعية ما لديها بعد إفراز الأدرينالين لينشط الغدد الدمعية بسبب الموقف المؤثر). نعم، قد عذبتني يا كتاب الأحياء ولكنني سأشتاق إلى هذا العذاب، وكيف لا وقد أبقيتني بالأمس ليلاً بأحاديثك ومضمونك سهرانة، حين لم يبق أي شيء يصاحبني إلا أنت.
لن أجعل هذه اللحظة نهاية ووداع، لأنك قمت بتهيئتي لموجهة الحياة بوعي أكبر، وفهم أعمق. المفهوم الخاطئ الذي ظل معي طويلاً هو أن الدراسة للمادة ما هي إلا استعداد للاختبار، حين أنها استعداد للتطبيقات العملية والحياتية. مفاهيمك جعلت قلبي عضلة لا تتعب، وجعلت نزيف جروحي تتعالج وتوقف نفسها بلا تدخل شيء إلا مبادئك. أرى نبتة خارج نافذتي تنمو بأفكارك وتزهر حتى تريني أن كل ما قلته لي حقيقي وملموس.
كم مرة قد يحتاجون دمي للتبرع؟ ألم أكتشف هذه القدرة على إعطاء الجميع حين علمتني ذلك؟ ألن أحرص على زوجٍ جذاب جميل وبلا أمراض أو اختلالات وراثية حتى لا يصابون أبنائي بالمرض، ويرثون جماله؟ ألن أرفض عرض زواج ولد خالٍ أو عم خوفاً من الأمراض الوراثية؟ ألن أفكر خمسين مرة قبل أن أتعاطى عقاقيراً وأدوية فترة حملي؟ ألن أرفض بعض أفكار الاستنساخ لأنني ببساطة عرفت معانيها وجرائمها؟ ألن أحرص على الغذاء الصحي لما قد يحصل نتيجة لسوء التغذية؟ ألن أتقبل فكرة أنني لا يمكنني أن أتبرع بكليتي لشخص يموت أمامي بسبب الفشل الكلوي، مع أن كلانا له نفس نوع الدم؟
اعتبرتك عقبة وهم لفترة طويلة، وهذا ظلم، لأنك أجبت عن أسئلة كثيرة في بالي تخص أشياء كثيرة، سواء كانت عن جسمي أو هرموناتي أو حتى تلك التي تخص أشجار حديقتي. أعطيتني الكثير، وغذيت دماغي، وحان الأجل حتى أري نفسي أين أجدك في حياتي، في جسمي، في دمي، في خلاياي، وخلايا تلك النبتة خارج النافذة.
في النهاية، أشكر معلمتي لمحاولاتها التي أرهقتها طوال السنة، لمحاولة بناء جهاز مناعي متكامل لتجهيزنا لمواجهة المرض، البكتيريا، ألا وهو الاختبار. أتمنى أننا لم نكن بالنسبة إليها كأنسجة السكلرنشيم أو الكولانشيم التي لا حياة فيها، وأتمنى لها حياة سعيدة، والتوفيق في حقن اللقاحات للأجيال القادمة، لتبنى مناعتهم ضد الصعوبات.

4 comments:



Unknown said...

رائع كيف تربطين الأحياء بالحياة .. أسلوب جميل في وصف مشاعرك .. حقيقة مؤلمة تجاه مناهجنا العظيمة التي لم تتغير منذ أعوام .. مسكينة هي .. المعلمة التي تقوم بتدريس تلك المناهج المعقدة .. نعزيك أبلة جنان ونعزي كل أبلة مثلك ..
زينب

Unknown said...
This comment has been removed by the author.
Sara said...

hahaha! amazing kaif rb6te el a7ya eb ur feelings!!

Anonymous said...

very nice
bas fa'9aaaaaaaaaaaaaaaaaaaawa

Post a Comment